Wednesday, October 31, 2007

اشهدوا أني أحب هذا الرجل

.
.
و((قلت لنفسي:إن كنت قد أفدت شيئا من مصاحبة عمر بن الخطاب وسيرته وأخباره , فلا يحرجنك أن تزكي عملا له كلما رأيته أهلا للتزكية , وإن زعم زاعم أنها المغالاة , وأنه فرط الإعجاب))عباس العقاد
......................................................................................................................................................................................................................
.
.
لا أدري تحديدا منذ متى بدأ تعلقي بهذا الرجل,وشغفي الشديد به وبتتبع سيرته,وهو شغف جعلني أقول دائما وفي كل
مناسبة يذكر فيها اسمه ((إني أعشق هذا الرجل))....ولكنه أيضا شغف وضعني ولوقت طويل في حيرة من أمري وتساؤل ولماذا كان ((عمر بن الخطاب))بالذات؟؟.ترى ما المختلف في شخصيته عن أقرانه من الصحابة-رضوان الله
عليهم أجمعين-؟؟..وبعد تفكير طويل وجدتني أمام عنصرين أساسيين,رأيت أنهما كانا السبب الأساسي وراء ذلك:1
.
أولا:تلك المفارقات العجيبة في حياة هذا الرجل,وهي مفارقات لا تملك أمامها سوى أن تقف مندهشا ومتعجبا من ترتيبات
القدر لهذا الرجل,بل وربما تبسمت أحيانا من فرط المفارقة وهول المفاجأة........فعمر الذي قال عنه أحد الصحابة ذات يوم وهو يخاطب زوجته:((لا يسلم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب)),هو نفسه عمر الذي قال عنه عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه- بعد ذلك:((إن إسلام عمر كان فتحا,وإن هجرته كانت نصرا,وإن إمارته كانت رحمة)),بل إنه ارتقى إلى المرتبة التي جعلت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول عنه:((إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه))صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.1
وعمر الذي وأد ابنته في الجاهلية ولم يلن قلبه لها حتى وهي تنفض الغبار عن لحيته,هو نفسه عمر الذي فزع حينما سمع بكاء طفل فأسرع إلى أمه يسألها عن السبب,فأجابت بأنها تحاول أن تعجل في فطامه لأن الخليفة عمر لا يفرض إلا للمفطوم,فإذا بعمر يبكي حتى لا يستبين الناس قراءته في الصلاة من شدة البكاء,ثم يقول:((بؤسا لعمر كم قتل من أولاد المسلمين)).1
وعمر الذي يعطي درته للمصري ليقتص من محمد بن عمرو بن العاص,ثم يقول لعمرو في حزم:(( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا؟)),هو نفسه عمر الذي يلقى صبيا في المدينة فيقول له وعيناه تفيضان بالدموع:((ادع لي يا بني , فإنك لم تذنب بعد)).1
وعمر الذي ما إن يسمع أعرابيا يقول لرسول الله-صلى الله عليه وسلم-:((أعطني فليس المال مالك ولا مال أبيك))حتي يستل سيفه ويهم بقطع رقبة الأعرابي,هو نفسه عمر الذي يعارضه أحد المسلمين في عزله لخالد بن الوليد قائلا:((والله ما أعذرت يا عمر,ولقد نزعت فتى ولاه رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وأغمدت سيفا سله رسول الله,ووضعت أمرا رفعه رسول الله,وقطعت رحما,وحسدت بني العم)),فما زاد عمر على أن تبسم ثم قال:((إنك قريب قرابة,حديث السن,تغضب في ابن عمك)).1
أنه عمر بن الخطاب ...رجل اجتمعت فيه رحمة القوة وقوة الرحمة

.
ثــــانــيــا:إن أروع ما يمكن أن يجذبك في شخصية عمر بن الخطاب ويثير دهشتك , هو فهمه الفريد والعجيب للإسلام وأحكامه,وهو فهم يجعلك تسأل نفسك كثيرا...ترى كيف كان يفكر هذا الرجل؟؟.1
انظر إليه وهو يقبل الحجر الأسود ثم يقول:((إنك حجر لا تضر ولا تنفع,والله لولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك))....إنه يؤمن إيمانا تاما بأن النافع والضار هو الله وحده,ولكنه يرى أن الاقتداء بالنبي-صلى الله عليه وسلم-يجب أن يقدم على كل شيء حتى قناعته الشخصية بمدى جدوى ما يفعله,ويؤيد ذلك قوله وهو يهرول بين الصفا والمروة كاشفا عن منكبيه:((فيم هذا الرملان والكشف عن المناكب وقد أظهر الله الإسلام ونفى الكفر؟,ومع هذا لا ندع شيئا كنا نفعله في عهد رسول الله-صلى الله عليه وسلم))...إنه فهم أعمق بكثير من فهمنا للأمور...لذلك فهو قد يبدو غريبا علينا,لا لشيء إلا لأنه نبع من فطرة سليمة لم تفسدها الدنيا كما فعلت بنا.1
وهذا موقف اخر له,فقد جاؤوا له بسارق ليقيم عليه حد السرقة,فأخذ السارق يتوسل إلى عمر ألا يقطع يده , ويقسم له قائلا:((اقسم بالله يا أمير المؤمنين هذه أول مرة)),فانظر كيف كان رد عمر-رضي الله عنه -حاسما:((كذبت.... إن الله لا يفضح عبده من أول مرة))إنه يفهم من صفات الله مالا يفهمه غيره من الناس.1
واسوق هنا موقفين اخرين له -رضي الله عنه-يتضح فيهما جليا عبقريته
أولاهما:أنه رأى ذات يوم شيخا يهوديا يتكفف,فأمر له برزق من بيت المال,وقال له:((ما أنصفناك يا هذا,أخذنا منك الجزية فتى وأضعناك شيخا)).1
والموقف الاخر,هو رفعه حد السرقة في عام المجاعة,فقد جيء بفتيان سرقوا ناقة واعترفوا بذلك,فنظر عمر في وجوههم,فرأى هزالا باديا,فسأل من سيدهم؟,فقيل له:((عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة)),فأرسل يستدعيه وأنبه تأنيبا شديدا,وقال له:((لقد هممت أن أقطع أيدي هؤلاء ,لولا ما أعلمه من أنكم تدئبونهم وتجيعونهم,حتى ان أحدهم لو أكل ما حرم الله عليه لحل له))....ثم أمره أن يؤدي لصاحب الناقة ثمانمائة درهم,رغم أن ثمنها الذي طلبه صاحبها أربعمائة درهم,وذلك تأديبا له.1
إنه عمر بن الخطاب الذي لا يكف عن البحث عن مصلحة الأمة وأفرادها......وقد يبدو كل ما سبق هينا إذا ما قورن بقراره الذي أصدره بإنهاء حكم شرعي مقررا باية قرانية لم تنسخ,حكم شرعي عمل به رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وأبوبكر من بعده....هذا الحكم هو تخصيص جزء من ضريبة الزكاة للمؤلفة قلوبهم ...ويقول عمر في ذلك:((لقد كان رسول الله يعطيهم والاسلام يومئذ ضعيف.....أما اليوم فقد أعز الله دينه وأعلى كلمته....فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر,ولن يتسع هذا الدين إلا لمن يدخله راغبا مؤمنا)).
1
.
.
وفي النهاية أقول هل كان عمر-رضي الله عنه-مبتدعا في هذا كله؟؟...وهل كان-رضوان الله عليه-مبتدعا حينما سن صلاة التراويح في جماعة؟؟مع أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-لم يفعل ذلك؟؟.......حاش لله , ومن يستطيع قول ذلك,بل إنها فطرة الإسلام في أروع صورها...فطرة سليمة نقية نبع منها فهم عبقري فريد...فطرة جعلت من صاحبها محدثا ملهما,.فاستحق قول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:((لو كان بعدي محدثون لكان عمر))...إنه ابن الخطاب الفقيه العبقري,إنه المعلم الذي نفتقده كثيرا في أيامنا هذه ليعلم الكثيرين ممن أقفلوا عقولهم ولم يحاولوا فهم الدين,بل وحرموا غيرهم هذا الحق....ليعلم أولئك الذين شغلوا أنفسهم بالمظاهر والهيئات ولم يهتموا لا بروح الإسلام ولا بمصلحة الأمة كيف يفكروا وكيف تفهم الأمورفأين أنت يا أمير المؤمنين؟.....أين أنت ياعمر؟


.
عمرو أبوالحسن
.
.
.

Monday, October 29, 2007

هــلك الـمـتـنـطعـون

.
.
و ((أنا أكره التعصب المذهبي وأراه قصور فقه,وقد يكون سوء خلق...ولكن التقليد المذهبي أقل ضررا من الاجتهاد الصبياني في فهم الأدلة)) الشيخ محمد الغزالي
...................................................................................................................................................................................................................... .
.
قابلت في حياتي أناسا كثيرين زعموا بأنهم يمثلون السلف دون غيرهم,بل وسموا أنفسهم ب(السلفيين),وكثيرا ما كان يدور بيني وبينهم حوار داخل أروقة الجامعة أو خارجها,ولكن لا أدري لماذا كان الحوارينتهي في كل مرة بأن نتفق على ألا نتفق,وإني كلما حاولت أن أقلل من الفجوة التي بيننا,أو أن أوضح لهم أن هناك من القضايا التي تمس مستقبل الأمة ما هو أكبر بكثير من هذه الأمور التي تسببت في تشرذمنا وانقسامنا وربما عداوتنا,لم يزدهم ذلك إلا عنادا وصلفا واستهزاء,وربما اتهمني بعضهم بقلة العلم أحيانا وبالكفر أحيانا أخر.1
.
.
وبالرغم من أن أبرز ما يؤخذ على هؤلاء الأشخاص هو ذلك التشدد في التكاليف الشرعية وخاصة فيما يتعلق بالفروع
الفقهية منها,إلا أنني ومع ذلك لا أرى أبدا أن هذا هو سبب الخلاف بيننا,فليست هذه هي المشكلة الحقيقية لهذا الفكر,وإنما المشكلة الحقيقية-من وجهة نظري-تكمن في نقطتين اساسيتين:1
أولاهما:هو ذلك التعصب الشديد لدى البعض لاراء مذهب معين دون اخر,أو لاجتهاد عالم بعينه دون اخر,فهم يرون أن الحق في جانبهم دون غيرهم, وهو تعصب يصل في كثير من الأحيان إلى حد العنصرية, فأي عالم مسلم يجتهد ثم يقول بغير رأيهم يكون مخطئا قليل العلم,وأي مسلم يأخذ بغير رأيهم يكون اثما ضالا متبعا لهواه وربما وصل بهم الأمر إلى حد تكفيره
وثانيهما:تلك الفظاظة والغلظة التي يعبر بها البعض منهم عن رأيه,وهي في الحقيقة غلظة قد تصل في بعض الأحيان إلى سوء الأدب في التعامل مع الناس,بل وقد يتسبب البعض في إحراج الاخرين بدعوى تقديم النصح لهم بأمرهم بمعروف أو نهيهم عن منكر,فيكون من نتيجة ذلك أن ينفض الناس من حولهم بدلا من ان يلينوا لهم.1
.
.
وعلى الرغم من اني تعرضت في حياتي لكثير من المواقف التي رأيت فيها هاتين النقطتين السابقتين تبرز أمامي بشكل واضح وجلي,إلا أنني اثرت هنا أن أذكر بعض الأمثلة والاراء وخلاصة تجربة عالم جليل من علماء الأزهر الشريف ,بل وأحد أعلام الفكر الإسلامي...والذي عانى كثيرا من هذا الفكر وكرس كثيرا من كتاباته للتصدي لهذا التعصب الأعمى والفهم المغلوط لتعاليم الإسلام....هذا الرجل هو الشيخ\محمد الغزالي-رحمه الله وأدخله فسيح جناته-ونبدأ بمثال يرويه الشيخ محمد الغزالي في أحد كتبه حيث يقول:1
و((أذكر أني كنت ألقي محاضرة في اليوم العالمي للمراة فلما قلت:إن وجه المرأة وصوتها ليسا بالعورة...حدثت ضدي مظاهرة صاخبة,وسمعت طالبا يقول لزميله:كنا نحسن الظن بهذا ارجل فإذا هو شر من قاسم أمين)).....ويقول في مثال اخر((كنا ضيوفا عند أحد الناس فسكب في يدي قطرات من ماء الكلونيا, فإذا أحد الدعاة يصرخ:حرام نجس,فقلت له:دعني ورأيي إن مالكا يرى ريق الكلب وعرقه طاهرين))....ويروي كذلك أنه أثناء إلقائه إحدى المحاضرات,كان أحد الصحفيين يلتقط صورا للجمع الحاشد ولكن أحد الدعاة نهض إليه ومنعه من ذلك وكاد أن يكسر الة التصوير...ويقول الشيخ محمدالغزالي:((ثم جاءني الواعظ يسألني:لماذا لم تمنع التصويرقلت:لأني أراه مباحا))فرد عليه الواعظ قائلا:((إذا محاضرتك عن الوحدة الأسلامية لا تقبل مادامت مقرونة بإقرار التصوير))ثم يصور الشيخ محمد الغزالي حالته النفسية فيقول ((وشعرت بالضيق ثم كظمت غيظي ورفضت مواصلة النقاش))هذه بعض الأمثلة-وليس كلها-التي أوردها الشيخ محمد الغزالي في بعض كتبه ويتضح فيها ذلك التعصب الشديد الذي تحدثنا عنه في البداية
ثم يعجب الشيخ الغزالي من داعية يدخل المسجد فينظر إلى المنبر ثم يقول:بدعة,لماذا؟لأنه من سبع درجات,ويرى أن يقف على الثالثة لا يعدوها,ثم يرى المحراب قيقول:بدعة,لماذا؟لأنه مجوف في الجدار,ثم ينظر إلى الساعة ويقول:بدعة,لماذا؟لأنها تدق كالجرس,وأخيرا يتكلم...فيخوض في موضوع غث لا ينبه غافلا,ولا يعلم جاهلا,ولا يكيد عدوا....المهم عنده هم الاستمساك بالسنة على الشكل الذي يراه....انتهي
.
.
ولقد حاولت من خلال قراءتي لما كتبه الشيخ الغزالي أن أرصد نقاطا معينة كان الشيخ يرى أنها هي السبب وراء ظهور هذا الفكر بهذا الشكل,وقد لخصتها في ثلاث نقاط هي:1
أولا:محاربة الاستبداد السياسي لأصحاب العقول الكبيرة وفض مجامعهم,مما أفسح المجال-على حد تعبيره-لعارضي الحديث الذين يخبطون في السنة خبط عشواء....ولفقهاء الفروع الذين يخدعون العوام بسلعهم,وهم في الحقيقة يذكرون تفاصيل ثانوية يكثر فيها الأخذ والرد, ولا تمس جوهر العقيدة والشريعة
ثانيا:إندحار التعليم الأزهري من الناحية العلمية والتوجيهية ,مما أفسح المجال أمام أنصاف المتعلمين ليثيروا الفتن بدلا من إطفائها,فقد كان علماء الأزهر القدامى أقدر الناس على علاج هذه الفتن,فهم يدرسون دراسة تستوعب فكر السلف والخلف والأئمة الأربعة,كما يدرسون ألوان التفسير والحديث وما تضمن من أقوال واراء
ثالثا:عدم التدبر في ايات القران الكريم,وعدم توثيق الروابط بين الأحاديث الشريفة ودلالات القران القريبة والبعيدة,فلن تقوم دراسة إسلامية مكتملة ومجدية إلا بالأمرين معا0
.
وهو يرى أن استمرار هذا الفكر بهذه الصورة سوف يؤدي إلى
أولا:إخماد صحوة جديدة لديننا المكافح المثخن بالجراح
ثانيا:تدعيم السلطات المستبدة وبقائها لفترات أطول,فمثل هذه الخلافات التي لا تمسها تسر السلطات المستبدة وتسعدها,لكنها تشعر بالضرر البالغ عندما يقال:هل الدولة لخدمة فرد أم مبدأ؟ لماذا يكون المال دولة بين بعض الناس؟ هل يعيش الناس أحرارا أم تستعبدهم سياط الفراعنة؟
.
وهو في النهاية يقول بوجوب ترك الأمر لأهله من علماء الفقهاء الذين يضعون الأحاديث الشريفة موضعها في الإطار العام للإسلام الحنيف,وهم وحدهم القادرين على التنسيق والترجيح في حالة التعارض الظاهري للمرويات, فقد يصح السند ولا يصح المتن وقد يصحان جميعا ويقع الخلاف في المعنى المراد,وعندما يخالف أثرصحيح ما هو أصح يسمى شاذا ورفض,وعندما يخالف الضعيف الصحيح يسمى متروكا أو منكرا....وهذا باب واسع جدا يترك لأهل الاختصاص.هذه بعض الأمثلة والاراء لعالم مسلم جليل ,رأيت على الرغم من طولها وكثرتها أنه من الضروري ذكرها هنا والاستشهاد بها
.
.
يبقى لنا أن نقول إن السلفية ليست حكرا على أحد,ولا على مذهب معين دون اخر,وخير دليل على ذلك هو تعدد تيارات السلفية في فكرنا الإسلامي...فهناك من يقف في فهمه عند ظواهر النصوص ويسمي نفسه سلفيا,وهناك من يعمل عقله ويجتهد ويسمي نفسه سلفيا أيضا,وهناك أهل تجديد,وهناك أهل تقليد,وهم جميعا يقولون إنهم سلفيون,وهم كلهم يعودون في فهمهم إلى الكتاب والسنة,إن هذا التعدد والذي يقترب في أحيان كثيرة إلى حد التناقض قد أحاط مضامين هذا التعريف بكثير من الغموض.1
والغريب أن أكثر أتباع هذا الفكر,وأكثر من يسمون أنفسهم بالسلفيين يقولون إنهم حنابلة,ولكن مما يثير العجب أن الإمام أحمد بن حنبل والذي يتعصب هذا البعض لارائه أو اراء أتباعه,كان هو نفسه ضحية لهذا التعصب,ألم يتهم الإمام بالكفروالزندقة؟ فسجن وعذب وجلد,لأنه لم يوافق الخليفة على رأيه في مسألة خلق القران؟....والأغرب من ذلك أن الإمام أحمد بن حنبل لم يكن أبدا متعصبا لرأيه,بل كان يقول دائما كما يقول غيره من الأئمة العظام((رايي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب))....فهل يصبح الأمام أحمد ضحية للتعصب مرتين, مرة في حياته ومرة بعد مماته؟؟
.
.
وفي النهاية أذكر حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حين قال لأصحابه:(من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا
يصلين العصر إلا في بني قريظة)وحينما حان وقت العصر في الطريق اختلف الصحابة,قال بعضهم:(ما نضيع وقت العصر وما أراد الرسول بكلامه إلا استعجالنا)فصلوا في الطريق,بينما أنفذ الاخرون الأمر على ظاهره فلم يصلوا إلا في بني قريظة,فلما علم الرسول-صلى الله عليه وسلم-بهذا الأمر لم يعنف أو يعاقب أحدا من الفريقين,وإنما قام بجمعهم جميعا وحاربوا اليهود وانتصروا عليهم......فهل من أنفذ الأمر على ظاهره كان سلفيا؟ومن صلى في الطريق لم يكن كذلك؟؟
.
إن ما أريد أن أصل إليه في نهاية كلامي هذا كله هو أنه من حقك أن تقتنع باجتهاد عالم معين,وتأخذ برأي مذهب معين
وتعمل به,ولكن من حقي كذلك أن أقتنع باجتهاد اخر لعالم اخر واعمل به,فالدين يسر وهلك المتنطعون
.
عمرو أبوالحسن
.
.
.