.
.
و((قلت لنفسي:إن كنت قد أفدت شيئا من مصاحبة عمر بن الخطاب وسيرته وأخباره , فلا يحرجنك أن تزكي عملا له كلما رأيته أهلا للتزكية , وإن زعم زاعم أنها المغالاة , وأنه فرط الإعجاب))عباس العقاد
......................................................................................................................................................................................................................
.
.
لا أدري تحديدا منذ متى بدأ تعلقي بهذا الرجل,وشغفي الشديد به وبتتبع سيرته,وهو شغف جعلني أقول دائما وفي كل
مناسبة يذكر فيها اسمه ((إني أعشق هذا الرجل))....ولكنه أيضا شغف وضعني ولوقت طويل في حيرة من أمري وتساؤل ولماذا كان ((عمر بن الخطاب))بالذات؟؟.ترى ما المختلف في شخصيته عن أقرانه من الصحابة-رضوان الله
عليهم أجمعين-؟؟..وبعد تفكير طويل وجدتني أمام عنصرين أساسيين,رأيت أنهما كانا السبب الأساسي وراء ذلك:1
.
أولا:تلك المفارقات العجيبة في حياة هذا الرجل,وهي مفارقات لا تملك أمامها سوى أن تقف مندهشا ومتعجبا من ترتيبات
القدر لهذا الرجل,بل وربما تبسمت أحيانا من فرط المفارقة وهول المفاجأة........فعمر الذي قال عنه أحد الصحابة ذات يوم وهو يخاطب زوجته:((لا يسلم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب)),هو نفسه عمر الذي قال عنه عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه- بعد ذلك:((إن إسلام عمر كان فتحا,وإن هجرته كانت نصرا,وإن إمارته كانت رحمة)),بل إنه ارتقى إلى المرتبة التي جعلت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول عنه:((إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه))صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.1
وعمر الذي وأد ابنته في الجاهلية ولم يلن قلبه لها حتى وهي تنفض الغبار عن لحيته,هو نفسه عمر الذي فزع حينما سمع بكاء طفل فأسرع إلى أمه يسألها عن السبب,فأجابت بأنها تحاول أن تعجل في فطامه لأن الخليفة عمر لا يفرض إلا للمفطوم,فإذا بعمر يبكي حتى لا يستبين الناس قراءته في الصلاة من شدة البكاء,ثم يقول:((بؤسا لعمر كم قتل من أولاد المسلمين)).1
وعمر الذي يعطي درته للمصري ليقتص من محمد بن عمرو بن العاص,ثم يقول لعمرو في حزم:(( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا؟)),هو نفسه عمر الذي يلقى صبيا في المدينة فيقول له وعيناه تفيضان بالدموع:((ادع لي يا بني , فإنك لم تذنب بعد)).1
وعمر الذي ما إن يسمع أعرابيا يقول لرسول الله-صلى الله عليه وسلم-:((أعطني فليس المال مالك ولا مال أبيك))حتي يستل سيفه ويهم بقطع رقبة الأعرابي,هو نفسه عمر الذي يعارضه أحد المسلمين في عزله لخالد بن الوليد قائلا:((والله ما أعذرت يا عمر,ولقد نزعت فتى ولاه رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وأغمدت سيفا سله رسول الله,ووضعت أمرا رفعه رسول الله,وقطعت رحما,وحسدت بني العم)),فما زاد عمر على أن تبسم ثم قال:((إنك قريب قرابة,حديث السن,تغضب في ابن عمك)).1
أنه عمر بن الخطاب ...رجل اجتمعت فيه رحمة القوة وقوة الرحمة
.
ثــــانــيــا:إن أروع ما يمكن أن يجذبك في شخصية عمر بن الخطاب ويثير دهشتك , هو فهمه الفريد والعجيب للإسلام وأحكامه,وهو فهم يجعلك تسأل نفسك كثيرا...ترى كيف كان يفكر هذا الرجل؟؟.1
انظر إليه وهو يقبل الحجر الأسود ثم يقول:((إنك حجر لا تضر ولا تنفع,والله لولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك))....إنه يؤمن إيمانا تاما بأن النافع والضار هو الله وحده,ولكنه يرى أن الاقتداء بالنبي-صلى الله عليه وسلم-يجب أن يقدم على كل شيء حتى قناعته الشخصية بمدى جدوى ما يفعله,ويؤيد ذلك قوله وهو يهرول بين الصفا والمروة كاشفا عن منكبيه:((فيم هذا الرملان والكشف عن المناكب وقد أظهر الله الإسلام ونفى الكفر؟,ومع هذا لا ندع شيئا كنا نفعله في عهد رسول الله-صلى الله عليه وسلم))...إنه فهم أعمق بكثير من فهمنا للأمور...لذلك فهو قد يبدو غريبا علينا,لا لشيء إلا لأنه نبع من فطرة سليمة لم تفسدها الدنيا كما فعلت بنا.1
وهذا موقف اخر له,فقد جاؤوا له بسارق ليقيم عليه حد السرقة,فأخذ السارق يتوسل إلى عمر ألا يقطع يده , ويقسم له قائلا:((اقسم بالله يا أمير المؤمنين هذه أول مرة)),فانظر كيف كان رد عمر-رضي الله عنه -حاسما:((كذبت.... إن الله لا يفضح عبده من أول مرة))إنه يفهم من صفات الله مالا يفهمه غيره من الناس.1
واسوق هنا موقفين اخرين له -رضي الله عنه-يتضح فيهما جليا عبقريته
أولاهما:أنه رأى ذات يوم شيخا يهوديا يتكفف,فأمر له برزق من بيت المال,وقال له:((ما أنصفناك يا هذا,أخذنا منك الجزية فتى وأضعناك شيخا)).1
والموقف الاخر,هو رفعه حد السرقة في عام المجاعة,فقد جيء بفتيان سرقوا ناقة واعترفوا بذلك,فنظر عمر في وجوههم,فرأى هزالا باديا,فسأل من سيدهم؟,فقيل له:((عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة)),فأرسل يستدعيه وأنبه تأنيبا شديدا,وقال له:((لقد هممت أن أقطع أيدي هؤلاء ,لولا ما أعلمه من أنكم تدئبونهم وتجيعونهم,حتى ان أحدهم لو أكل ما حرم الله عليه لحل له))....ثم أمره أن يؤدي لصاحب الناقة ثمانمائة درهم,رغم أن ثمنها الذي طلبه صاحبها أربعمائة درهم,وذلك تأديبا له.1
إنه عمر بن الخطاب الذي لا يكف عن البحث عن مصلحة الأمة وأفرادها......وقد يبدو كل ما سبق هينا إذا ما قورن بقراره الذي أصدره بإنهاء حكم شرعي مقررا باية قرانية لم تنسخ,حكم شرعي عمل به رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وأبوبكر من بعده....هذا الحكم هو تخصيص جزء من ضريبة الزكاة للمؤلفة قلوبهم ...ويقول عمر في ذلك:((لقد كان رسول الله يعطيهم والاسلام يومئذ ضعيف.....أما اليوم فقد أعز الله دينه وأعلى كلمته....فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر,ولن يتسع هذا الدين إلا لمن يدخله راغبا مؤمنا)).1
.
.
وفي النهاية أقول هل كان عمر-رضي الله عنه-مبتدعا في هذا كله؟؟...وهل كان-رضوان الله عليه-مبتدعا حينما سن صلاة التراويح في جماعة؟؟مع أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-لم يفعل ذلك؟؟.......حاش لله , ومن يستطيع قول ذلك,بل إنها فطرة الإسلام في أروع صورها...فطرة سليمة نقية نبع منها فهم عبقري فريد...فطرة جعلت من صاحبها محدثا ملهما,.فاستحق قول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:((لو كان بعدي محدثون لكان عمر))...إنه ابن الخطاب الفقيه العبقري,إنه المعلم الذي نفتقده كثيرا في أيامنا هذه ليعلم الكثيرين ممن أقفلوا عقولهم ولم يحاولوا فهم الدين,بل وحرموا غيرهم هذا الحق....ليعلم أولئك الذين شغلوا أنفسهم بالمظاهر والهيئات ولم يهتموا لا بروح الإسلام ولا بمصلحة الأمة كيف يفكروا وكيف تفهم الأمورفأين أنت يا أمير المؤمنين؟.....أين أنت ياعمر؟
......................................................................................................................................................................................................................
.
.
لا أدري تحديدا منذ متى بدأ تعلقي بهذا الرجل,وشغفي الشديد به وبتتبع سيرته,وهو شغف جعلني أقول دائما وفي كل
مناسبة يذكر فيها اسمه ((إني أعشق هذا الرجل))....ولكنه أيضا شغف وضعني ولوقت طويل في حيرة من أمري وتساؤل ولماذا كان ((عمر بن الخطاب))بالذات؟؟.ترى ما المختلف في شخصيته عن أقرانه من الصحابة-رضوان الله
عليهم أجمعين-؟؟..وبعد تفكير طويل وجدتني أمام عنصرين أساسيين,رأيت أنهما كانا السبب الأساسي وراء ذلك:1
.
أولا:تلك المفارقات العجيبة في حياة هذا الرجل,وهي مفارقات لا تملك أمامها سوى أن تقف مندهشا ومتعجبا من ترتيبات
القدر لهذا الرجل,بل وربما تبسمت أحيانا من فرط المفارقة وهول المفاجأة........فعمر الذي قال عنه أحد الصحابة ذات يوم وهو يخاطب زوجته:((لا يسلم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب)),هو نفسه عمر الذي قال عنه عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه- بعد ذلك:((إن إسلام عمر كان فتحا,وإن هجرته كانت نصرا,وإن إمارته كانت رحمة)),بل إنه ارتقى إلى المرتبة التي جعلت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول عنه:((إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه))صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.1
وعمر الذي وأد ابنته في الجاهلية ولم يلن قلبه لها حتى وهي تنفض الغبار عن لحيته,هو نفسه عمر الذي فزع حينما سمع بكاء طفل فأسرع إلى أمه يسألها عن السبب,فأجابت بأنها تحاول أن تعجل في فطامه لأن الخليفة عمر لا يفرض إلا للمفطوم,فإذا بعمر يبكي حتى لا يستبين الناس قراءته في الصلاة من شدة البكاء,ثم يقول:((بؤسا لعمر كم قتل من أولاد المسلمين)).1
وعمر الذي يعطي درته للمصري ليقتص من محمد بن عمرو بن العاص,ثم يقول لعمرو في حزم:(( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا؟)),هو نفسه عمر الذي يلقى صبيا في المدينة فيقول له وعيناه تفيضان بالدموع:((ادع لي يا بني , فإنك لم تذنب بعد)).1
وعمر الذي ما إن يسمع أعرابيا يقول لرسول الله-صلى الله عليه وسلم-:((أعطني فليس المال مالك ولا مال أبيك))حتي يستل سيفه ويهم بقطع رقبة الأعرابي,هو نفسه عمر الذي يعارضه أحد المسلمين في عزله لخالد بن الوليد قائلا:((والله ما أعذرت يا عمر,ولقد نزعت فتى ولاه رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وأغمدت سيفا سله رسول الله,ووضعت أمرا رفعه رسول الله,وقطعت رحما,وحسدت بني العم)),فما زاد عمر على أن تبسم ثم قال:((إنك قريب قرابة,حديث السن,تغضب في ابن عمك)).1
أنه عمر بن الخطاب ...رجل اجتمعت فيه رحمة القوة وقوة الرحمة
.
ثــــانــيــا:إن أروع ما يمكن أن يجذبك في شخصية عمر بن الخطاب ويثير دهشتك , هو فهمه الفريد والعجيب للإسلام وأحكامه,وهو فهم يجعلك تسأل نفسك كثيرا...ترى كيف كان يفكر هذا الرجل؟؟.1
انظر إليه وهو يقبل الحجر الأسود ثم يقول:((إنك حجر لا تضر ولا تنفع,والله لولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك))....إنه يؤمن إيمانا تاما بأن النافع والضار هو الله وحده,ولكنه يرى أن الاقتداء بالنبي-صلى الله عليه وسلم-يجب أن يقدم على كل شيء حتى قناعته الشخصية بمدى جدوى ما يفعله,ويؤيد ذلك قوله وهو يهرول بين الصفا والمروة كاشفا عن منكبيه:((فيم هذا الرملان والكشف عن المناكب وقد أظهر الله الإسلام ونفى الكفر؟,ومع هذا لا ندع شيئا كنا نفعله في عهد رسول الله-صلى الله عليه وسلم))...إنه فهم أعمق بكثير من فهمنا للأمور...لذلك فهو قد يبدو غريبا علينا,لا لشيء إلا لأنه نبع من فطرة سليمة لم تفسدها الدنيا كما فعلت بنا.1
وهذا موقف اخر له,فقد جاؤوا له بسارق ليقيم عليه حد السرقة,فأخذ السارق يتوسل إلى عمر ألا يقطع يده , ويقسم له قائلا:((اقسم بالله يا أمير المؤمنين هذه أول مرة)),فانظر كيف كان رد عمر-رضي الله عنه -حاسما:((كذبت.... إن الله لا يفضح عبده من أول مرة))إنه يفهم من صفات الله مالا يفهمه غيره من الناس.1
واسوق هنا موقفين اخرين له -رضي الله عنه-يتضح فيهما جليا عبقريته
أولاهما:أنه رأى ذات يوم شيخا يهوديا يتكفف,فأمر له برزق من بيت المال,وقال له:((ما أنصفناك يا هذا,أخذنا منك الجزية فتى وأضعناك شيخا)).1
والموقف الاخر,هو رفعه حد السرقة في عام المجاعة,فقد جيء بفتيان سرقوا ناقة واعترفوا بذلك,فنظر عمر في وجوههم,فرأى هزالا باديا,فسأل من سيدهم؟,فقيل له:((عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة)),فأرسل يستدعيه وأنبه تأنيبا شديدا,وقال له:((لقد هممت أن أقطع أيدي هؤلاء ,لولا ما أعلمه من أنكم تدئبونهم وتجيعونهم,حتى ان أحدهم لو أكل ما حرم الله عليه لحل له))....ثم أمره أن يؤدي لصاحب الناقة ثمانمائة درهم,رغم أن ثمنها الذي طلبه صاحبها أربعمائة درهم,وذلك تأديبا له.1
إنه عمر بن الخطاب الذي لا يكف عن البحث عن مصلحة الأمة وأفرادها......وقد يبدو كل ما سبق هينا إذا ما قورن بقراره الذي أصدره بإنهاء حكم شرعي مقررا باية قرانية لم تنسخ,حكم شرعي عمل به رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وأبوبكر من بعده....هذا الحكم هو تخصيص جزء من ضريبة الزكاة للمؤلفة قلوبهم ...ويقول عمر في ذلك:((لقد كان رسول الله يعطيهم والاسلام يومئذ ضعيف.....أما اليوم فقد أعز الله دينه وأعلى كلمته....فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر,ولن يتسع هذا الدين إلا لمن يدخله راغبا مؤمنا)).1
.
.
وفي النهاية أقول هل كان عمر-رضي الله عنه-مبتدعا في هذا كله؟؟...وهل كان-رضوان الله عليه-مبتدعا حينما سن صلاة التراويح في جماعة؟؟مع أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-لم يفعل ذلك؟؟.......حاش لله , ومن يستطيع قول ذلك,بل إنها فطرة الإسلام في أروع صورها...فطرة سليمة نقية نبع منها فهم عبقري فريد...فطرة جعلت من صاحبها محدثا ملهما,.فاستحق قول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:((لو كان بعدي محدثون لكان عمر))...إنه ابن الخطاب الفقيه العبقري,إنه المعلم الذي نفتقده كثيرا في أيامنا هذه ليعلم الكثيرين ممن أقفلوا عقولهم ولم يحاولوا فهم الدين,بل وحرموا غيرهم هذا الحق....ليعلم أولئك الذين شغلوا أنفسهم بالمظاهر والهيئات ولم يهتموا لا بروح الإسلام ولا بمصلحة الأمة كيف يفكروا وكيف تفهم الأمورفأين أنت يا أمير المؤمنين؟.....أين أنت ياعمر؟
.
عمرو أبوالحسن
.
.
.