.
و((تاريخنا الحديث والمعاصر ينطق بأن الإسلام لا ينتعش ويزدهر، ويدخل إلى العقول والقلوب، ويؤثر في الأفراد والجماعات، إلا في ظل الحرية التي يستطيع الناس فيها أن يعبروا عن أنفسهم، وأن يقولوا: (لا) و(نعم) إذا أرادوا ولمن أرادوا، دون أن يمسهم أذى أو ينالهم اضطهاد)).العلامة الشيخ يوسف القرضاوي ......................................................................................................................................................................................................................
.
.
أستطيع أن أقول بل وأن أجزم بأنه لايوجد على وجه الأرض مسلم واحد مخلص لله ولدينه يرفض أو حتى يعترض على تطبيق الشريعة الإسلامية,بل يرى كل مسلم أن حل الكثير من المشكلات التي نتعرض لها اليوم في عالمنا الإسلامي يكمن في التطبيق السليم للشريعة الإسلامية,ولكن عندما تثار هذه القضية أجد في نفسي خوفا –لا من تطبيق الشريعة الاسلامية بالطبع-وإنما من أولئك الأشخاص الذين يزعمون أنهم سوف يقومون بتطبيقهاوهم قد لا يملكون تصورا واضحا أو رؤية محددة عن أسلوب الإسلام وطريقته في الحكم, فالمرء مهما بلغ من حكمة ومن عقل هو في النهاية بشر يصيب ويخطئ,وإذا لم يستطع هؤلاء
أولا:التخلص من التعصب لرأي مذهبي دون أخر أو اجتهاد فقهي دون غيره
ثانيا:التفرقة بين ارائهم الشخصية وبين ما يقول به الكتاب والسنة
فسوف تكون المصيبة كبيرة.1
.
.
ولنلقي مزيدا من الضوء على هاتين النقطتين...فنحن نعلم أن الفقه الإسلامي ملىء بالاراء والاجتهادات,وعندما يأخذ الحاكم بأحد هذه الاجتهادات ويتعصب لها دون غيرها-سواء كان ذلك لهوى في نفسه أو لقناعة شخصية-فإن هذا التعصب وكما قلنا سابقا سوف يتحول إلى استبداد سياسي ولكنه أسوأ من أي استبداد اخر لأنه سوف يكون استبدادا باسم الدين وحينئذ لن تقوى أي معارضة على الاحتجاج.1
وتاريخنا الإسلامي مليء بمثل هذه الأمثلة التي ادعت أنها تطبق شرع الله في أرضه ولكنها تعصبت لرأي دون اخر ,بل وسعت إلى فرض رأيها على الاخرين بالقوة,بالرغم من أن هذا الرأي قد يكون ضعيفا أو حتى خاطئا بالمرة,ولننظر مثلا إلى فتنة خلق القران حيث يقول ابن كثير في البداية والنهاية عن فتنة خلق القران ومحنة الامام أحمد بن حنبل((قد ذكرنا فيما تقدم أن المأمون كان قد استحوذ عليه جماعة من المعتزلة فأزاغوه عن طريق الحق إلى الباطل,وزينوا له القول بخلق القران ونفي الصفات عن الله-عزوجل-قال البيهقي:ولم يكن في الخلفاء قبله من بني أمية وبني العباس خليفة إلا على مذهب السلف ومنهاجهم فلما ولي هو الخلافة اجتمع به هؤلاء فحملوه على ذلك وزينوا له,واتفق خروجه إلى طرسوس لغزو الروم فكتب إلى نائبه ببغداد إسحاق بن ابراهيم بن مصعب بأمره أن يدعو الناس إلى القول بخلق القران))...((فلما وصل الكتاب استدعى جماعة من ائمة الحديث,فدعاهم إلى القول بذلك فامتنعوا,فتهددهم بالضرب وقطع الأرزاق فأجاب أكثرهم مكرهين واستمر على الامتناع من ذلك الإمام أحمد بن حنبل))انتهى.1
.
إن هذا مثال واضح جدا على الاستبداد السياسي باسم الدين,وعلى خطورة تعصب الحاكم لرأي دون اخر...ونذكر مثالا اخر يؤيد ما نقول... يروي ابن الجوزي عن الشيخ بن عقيل قال ((رأيت الناس لا يعصمهم من الظلم إلا العجز,لا أقول العوام بل العلماء ....كانت أيدي بعض الحنابلة مبسوطة في أيام ابن يوسف,فكانوا يتسلطون بالبغي على أصحاب الشافعي في الفروع,حتى لا يمكنوهم من الجهر بالقنوت وهي مسألة اجتهادية, فلما جاءت أيام النظام ومات ابن يوسف وزالت شوكة الحنابلة استطال عليهم أصحاب الشافعي استطالة السلاطين الظلمة واستعدوا عليهم,واذوا عامتهم بالسعايات والفقهاء بالنبذ والاتهام بالتجسيم)),قال ابن عقيل((فتدبرت أمر الفريقين فإذا هم لم تعمل فيهم اداب العلم,وهل هذه إلا أفعال العسكر؟يصولون في دولتهم ويلزمون المساجد في بطالتهم!))انتهى
وبعد أن ذكرنا هذا المثال نقول:إن كان هذا شأن العلماء والفقهاء فما شأن العامة ممن لم يتفقهوا في الدين؟؟!.1
.
.
قلنا أيضا أنه من الضروري التفريق بين الرأي الشخصي والرغبات الخاصة,وبين ما يقول به الكتاب والسنة...فما أسهل أن يتحدث شخص ما بأنه سوف يطبق الشريعة وأنه سوف يتصرف وفقا لأحكام الدين,ثم يجيء ببعض المرتزقة المنتسبين للدعوة,ليفتوا له بما يريد,ثم ما عليه بعد ذلك إلا أن يفرض هذا الرأي بالقوة العسكرية ويكون عندئذ منفذا للشريعة مطبقا لحدود الله.....وها نحن نرى فتوى تصدر في إيران تنص على أن البترول ملك الأمة تستغله لمصالحها وحدها,في حين تصدر في إحدى الدول العربية فتوى أخرى تنص على أن البترول ملك الحاكم ينفقه كيف يشاء. 1
وأجد أنه من الضروري هنا في هذا السياق أن نذكر تلك القصة التي كان بطلها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب,وهو رجل عرف كيف يفرق جيدا بين رأيه الشخصي وبين ما يقول به الدين....سأل عمر بن الخطاب رجلا له قضية:ما صنعت؟فقال الرجل قضي على بكذا,قال عمر لو كنت أنا-القاضي يعني-لقضيت بغير ذلك,قال صاحب القضية:فما يمنعك والأمر إليك؟,فقال عمر((لو كنت أردك إلى كتاب الله وإلى سنته نبيه –صلى الله عليه وسلم-لفعلت ولكني أردك إلى رأي والرأي مشترك)). 1
انظر إلى هذا الرجل الذي يحترم الرأي الاخر,وهو من هو في هذا الوقت؟إنه أمير المؤمنين أجمعين,ورئيس دولة الإسلام كلها,ومع ذلك لا يرفض الرأي الاخر حتى ولو كان مخالفا لوجهة نظره.1
.
.
واختم حديثي في هذا الموضوع بما قاله الشيخ محمد الغزالي في كتابه ((الاسلام والاستبداد السياسي)),حيث قال((ليس لمخلوق أن يفرض على أمة رأيه وأن يصدر في أحكامه واتجاهاته عن فكرته الخاصة غير ابه لمن وراءه من أولى الفهم وذوي البصيرة والحزم,ومهما أوتي رجل من زيادة في مواهبه وسعة في تجاربه وسداد في نظره فلا يجوز أن يتجهم للاراء المقابلة ولا أن يلجأ لغير المناقشة الحرة والاقناع المجرد في ترجيح حكم على حكم وتغليب رأي على رأي...ذلك أنهم لن يكونوا أذكى عقولا وأنقى قلوبا من صاحب الرسالة العظمى محمد بن عبد الله-صلى الله عليه وسلم-وقد كان سيد الزعماء يستشير من معه وينزل عن رأيه إذا رأى الصواب مع غيره))فما أعظمك يا رسول الله ..صلى الله عليك وسلم... واتاك الوسيلة والفضيلة وبعثك المقام المحمود الذي وعدك ,إنه لا يخلف الميعاد.1
.
.
أستطيع أن أقول بل وأن أجزم بأنه لايوجد على وجه الأرض مسلم واحد مخلص لله ولدينه يرفض أو حتى يعترض على تطبيق الشريعة الإسلامية,بل يرى كل مسلم أن حل الكثير من المشكلات التي نتعرض لها اليوم في عالمنا الإسلامي يكمن في التطبيق السليم للشريعة الإسلامية,ولكن عندما تثار هذه القضية أجد في نفسي خوفا –لا من تطبيق الشريعة الاسلامية بالطبع-وإنما من أولئك الأشخاص الذين يزعمون أنهم سوف يقومون بتطبيقهاوهم قد لا يملكون تصورا واضحا أو رؤية محددة عن أسلوب الإسلام وطريقته في الحكم, فالمرء مهما بلغ من حكمة ومن عقل هو في النهاية بشر يصيب ويخطئ,وإذا لم يستطع هؤلاء
أولا:التخلص من التعصب لرأي مذهبي دون أخر أو اجتهاد فقهي دون غيره
ثانيا:التفرقة بين ارائهم الشخصية وبين ما يقول به الكتاب والسنة
فسوف تكون المصيبة كبيرة.1
.
.
ولنلقي مزيدا من الضوء على هاتين النقطتين...فنحن نعلم أن الفقه الإسلامي ملىء بالاراء والاجتهادات,وعندما يأخذ الحاكم بأحد هذه الاجتهادات ويتعصب لها دون غيرها-سواء كان ذلك لهوى في نفسه أو لقناعة شخصية-فإن هذا التعصب وكما قلنا سابقا سوف يتحول إلى استبداد سياسي ولكنه أسوأ من أي استبداد اخر لأنه سوف يكون استبدادا باسم الدين وحينئذ لن تقوى أي معارضة على الاحتجاج.1
وتاريخنا الإسلامي مليء بمثل هذه الأمثلة التي ادعت أنها تطبق شرع الله في أرضه ولكنها تعصبت لرأي دون اخر ,بل وسعت إلى فرض رأيها على الاخرين بالقوة,بالرغم من أن هذا الرأي قد يكون ضعيفا أو حتى خاطئا بالمرة,ولننظر مثلا إلى فتنة خلق القران حيث يقول ابن كثير في البداية والنهاية عن فتنة خلق القران ومحنة الامام أحمد بن حنبل((قد ذكرنا فيما تقدم أن المأمون كان قد استحوذ عليه جماعة من المعتزلة فأزاغوه عن طريق الحق إلى الباطل,وزينوا له القول بخلق القران ونفي الصفات عن الله-عزوجل-قال البيهقي:ولم يكن في الخلفاء قبله من بني أمية وبني العباس خليفة إلا على مذهب السلف ومنهاجهم فلما ولي هو الخلافة اجتمع به هؤلاء فحملوه على ذلك وزينوا له,واتفق خروجه إلى طرسوس لغزو الروم فكتب إلى نائبه ببغداد إسحاق بن ابراهيم بن مصعب بأمره أن يدعو الناس إلى القول بخلق القران))...((فلما وصل الكتاب استدعى جماعة من ائمة الحديث,فدعاهم إلى القول بذلك فامتنعوا,فتهددهم بالضرب وقطع الأرزاق فأجاب أكثرهم مكرهين واستمر على الامتناع من ذلك الإمام أحمد بن حنبل))انتهى.1
.
إن هذا مثال واضح جدا على الاستبداد السياسي باسم الدين,وعلى خطورة تعصب الحاكم لرأي دون اخر...ونذكر مثالا اخر يؤيد ما نقول... يروي ابن الجوزي عن الشيخ بن عقيل قال ((رأيت الناس لا يعصمهم من الظلم إلا العجز,لا أقول العوام بل العلماء ....كانت أيدي بعض الحنابلة مبسوطة في أيام ابن يوسف,فكانوا يتسلطون بالبغي على أصحاب الشافعي في الفروع,حتى لا يمكنوهم من الجهر بالقنوت وهي مسألة اجتهادية, فلما جاءت أيام النظام ومات ابن يوسف وزالت شوكة الحنابلة استطال عليهم أصحاب الشافعي استطالة السلاطين الظلمة واستعدوا عليهم,واذوا عامتهم بالسعايات والفقهاء بالنبذ والاتهام بالتجسيم)),قال ابن عقيل((فتدبرت أمر الفريقين فإذا هم لم تعمل فيهم اداب العلم,وهل هذه إلا أفعال العسكر؟يصولون في دولتهم ويلزمون المساجد في بطالتهم!))انتهى
وبعد أن ذكرنا هذا المثال نقول:إن كان هذا شأن العلماء والفقهاء فما شأن العامة ممن لم يتفقهوا في الدين؟؟!.1
.
.
قلنا أيضا أنه من الضروري التفريق بين الرأي الشخصي والرغبات الخاصة,وبين ما يقول به الكتاب والسنة...فما أسهل أن يتحدث شخص ما بأنه سوف يطبق الشريعة وأنه سوف يتصرف وفقا لأحكام الدين,ثم يجيء ببعض المرتزقة المنتسبين للدعوة,ليفتوا له بما يريد,ثم ما عليه بعد ذلك إلا أن يفرض هذا الرأي بالقوة العسكرية ويكون عندئذ منفذا للشريعة مطبقا لحدود الله.....وها نحن نرى فتوى تصدر في إيران تنص على أن البترول ملك الأمة تستغله لمصالحها وحدها,في حين تصدر في إحدى الدول العربية فتوى أخرى تنص على أن البترول ملك الحاكم ينفقه كيف يشاء. 1
وأجد أنه من الضروري هنا في هذا السياق أن نذكر تلك القصة التي كان بطلها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب,وهو رجل عرف كيف يفرق جيدا بين رأيه الشخصي وبين ما يقول به الدين....سأل عمر بن الخطاب رجلا له قضية:ما صنعت؟فقال الرجل قضي على بكذا,قال عمر لو كنت أنا-القاضي يعني-لقضيت بغير ذلك,قال صاحب القضية:فما يمنعك والأمر إليك؟,فقال عمر((لو كنت أردك إلى كتاب الله وإلى سنته نبيه –صلى الله عليه وسلم-لفعلت ولكني أردك إلى رأي والرأي مشترك)). 1
انظر إلى هذا الرجل الذي يحترم الرأي الاخر,وهو من هو في هذا الوقت؟إنه أمير المؤمنين أجمعين,ورئيس دولة الإسلام كلها,ومع ذلك لا يرفض الرأي الاخر حتى ولو كان مخالفا لوجهة نظره.1
.
.
واختم حديثي في هذا الموضوع بما قاله الشيخ محمد الغزالي في كتابه ((الاسلام والاستبداد السياسي)),حيث قال((ليس لمخلوق أن يفرض على أمة رأيه وأن يصدر في أحكامه واتجاهاته عن فكرته الخاصة غير ابه لمن وراءه من أولى الفهم وذوي البصيرة والحزم,ومهما أوتي رجل من زيادة في مواهبه وسعة في تجاربه وسداد في نظره فلا يجوز أن يتجهم للاراء المقابلة ولا أن يلجأ لغير المناقشة الحرة والاقناع المجرد في ترجيح حكم على حكم وتغليب رأي على رأي...ذلك أنهم لن يكونوا أذكى عقولا وأنقى قلوبا من صاحب الرسالة العظمى محمد بن عبد الله-صلى الله عليه وسلم-وقد كان سيد الزعماء يستشير من معه وينزل عن رأيه إذا رأى الصواب مع غيره))فما أعظمك يا رسول الله ..صلى الله عليك وسلم... واتاك الوسيلة والفضيلة وبعثك المقام المحمود الذي وعدك ,إنه لا يخلف الميعاد.1
.
عمروأبوالحسن
.
.
.